من الفلسفات التربوية ما تحتاجه في الإمتحان المهني
المجال الفرعي الثاني: فلسفة التربية
يتضح من المدخل السابق
أن مفهوم "علوم التربية" قد طرح عدة قناعات متباينة فيما بينها، فالبعض
قد اعتبرها كإطار معرفي شكل تجاوزا لمرحلة "البيداغوجيا" التي لم تعد
قادرة على احتواء الزخم الكمي و النوعي في مجال التنظير للتربية.أما البعض الآخر
فقد اعتبرها مجرد وهم أو سراب علمي،إذ لا تعدو أن تكون إلصاقا لمصطلح التربية
بعلوم أخرى كالبيولوجيا و علم النفس و علم الاجتماع ...
و أمام هذا الإشكال
الذي يجعل من علوم التربية لدى البعض علوما قائمة الذات، و لدى البعض الآخر مجرد
طفيليات،أمام كل هذا تأتي فلسفة التربية بإشكالات أخرى تنضاف إلى
الإشكال السابق من قبيل:
ـ هل يمكن اعتبار
"فلسفة التربية" فرعا من فروع علوم التربية ؟
ـ هل يمكن للفلسفة أن
تدخل خانة العلم، مع ما يطرحه ذلك من مفارقات إضفاء الطابع العلمي على ما هو فلسفي
بالرغم من تباين منطلقات و مناهج كل منهما ؟
ـ ما هي المواضيع و
الاهتمامات التي تشكل مباحث مركزية لفلسفة التربية ؟
و ستجد على الرابط التالي الموضوع كاملا
أولاـ فلسفة
التربية بين القبول و الرفض
إن إدماج فلسفة التربية
ضمن أسرة علوم التربية لم يكن بالأمر المستساغ من طرف جميع الدارسين لما يطرحه هذا
الإدماج من مفارقات. و هكذا نجد أن مشروعية الحديث عن فلسفة التربية كعلم من
علومها قد أفرز تيارين اثنين:
1) التيار
الأول:
و هو تيار يرفض قبول أن
تكون فلسفة التربية علما من علوم التربية، و يعتبر هذا الأمر من قبيل التناقض، و
هو يستند في رأيه هذا إلى أمرين أساسيين:
يرتكز الأمر الأول على اعتبار أنه من المفارقة
أن يتم حشر الفلسفة ضمن حظيرة العلوم، و أنه من المستحيل القبول بوجود*
فلسفة /
علم، لكون أسس و ثوابت العلوم غير أسس و ثوابت الفلسفة، كما أن المنهج العلمي
متمايز كلّ التمايز عن خطوات التفكير الفلسفي.
و يرتكز الأمر الثاني على كون حاجة علوم التربية
إلى فلسفة ليست بالأمر الأكيد،لأن علوم
التربية تقارب الفعل التربوي*
من شتى
جوانبه.و بالتالي ، فأصحاب هذا التيار يرون أنه لا جدوى من الاستعانة بالتفكير
الفلسفي في قضية هي في أمس الحاجة إلى الفهم العلمي الدقيق و الموضوعي.
2) التيار
الثاني:
و هو تيار يعتبر حضور
"فلسفة التربية" ضمن حظيرة علوم التربية أمرا ذا أهمية، و ذلك انطلاقا
من الاعتبارات التالية:
تحاول التنسيق أن كل علم من علوم التربية
يقارب الظاهرة التربوية من منظوره الخاص، و من هنا كانت ضرورة إيجاد مقاربة *
بين جميع هذه العلوم و تعمل على خلق نوع من
الانسجام بين طروحاتها.
أن "فلسفة التربية" هي أيضا بمثابة
ابستمولوجيا بالنسبة لعلوم التربية، و يؤخذ هنا مصطلح الابستمولوجيا كمرادف لفلسفة*
العلوم ، فالتأمل الفلسفي لحظة ضرورية للممارسة
التربوية،لأن هذا التأمل يسمح للممارسة التربوية بأن تعي بذاتها و تكون أكثر
إنسانية.
ثانياـ موضوع
فلسفة التربية
من الصعب تحديد موضوع
"فلسفة التربية"، و لعل هذه الصعوبة ناتجة أساسا عن تعدد مواضيعها كأي
فلسفة أخرى.لكن، و بالرغم من ذلك،يمكن اختزال هذا التنوع في اعتبار موضوع فلسفة
التربية هو" المقاربة التأملية للظاهرة التربوية ". يقول ربول
معرّفا فلسفة التربية ـ التي يعتبرها جزءا من الفلسفة و ليست علما من علوم
التربيةـ بقوله: " إن فلسفة
التربية ليست بيداغوجيا، و ليست سيكولوجيا الطفل، بل هي فرع من الفلسفة، و الفلسفة
كما هو معروف لا ترمي إلى المهارة في الفعل، و لا إلى المعرفة، بل قبل كلّ شيء إلى
التساؤل حول كلّ ما نعتقد أننا نستطيعه و نعرفه".
هكذا يرى ربول بأن
فلسفة التربية تحتضن كل التساؤلات التي تتوخى طرح القضايا و استكناه حقيقتها،خاصة
تلك التي تعتبر من المسلمات.
و يرى لايف و روستان
في كتابهما "فلسفة التربية" أن هذه الأخيرة :" ترتكز على التأمل في غايات التربية و وسائلها، و
عند الاقتضاء حول المؤسسات التي تميزها".
أما صالحة سنقر،فتشير
في كتابها " المناهج التربوية" إلى أن " المنطلقات الفلسفية تعد بمثابة الدماغ المحرك
للنظام التربوي برمته، و خاصة المنهاج التعليمي،لأن فلسفة التربية تهتم بماهية
القيم و كيفية اشتقاقها و مبرراتها و الأسس التي تنبني عليها، و كذا دورها في
تنظيم الخبرات إلى جانب تحرير العقول من التميزات الشخصية و توسيع إطار النظرة
للعالم".
تعليقات
إرسال تعليق